الصفحة الرئيسية  اقتصاد

اقتصاد التجـارة الإلكتـرونيّـة في تونس: عـراقـيـل عديدة مكبّلة

نشر في  18 أفريل 2018  (11:33)

في تونس ثمّة عراقيل عديدة تكبّل التجارة الإلكترونية علما انّ هذه التجارة تنمو بسرعة لا سيّما في البلدان المصنّعة التي نجد فيها نسبة 70 ٪ من السكان يستعملون الانترنات لشراء بضائع في حين لم تبلغ هذه النسبة إلاّ 5 ٪ في بلدان أخرى...
وللتذكير فانّ الشّركة الالكترونيّة الأمريكية AMAZON حقّقت عمليّات تجارية فاقت 440.000 مليار من مليماتنا سنة 2017 ومرابيح ناهزت 17.000 مليار من مليماتنا في حين بلغ رقم معاملات شركة Ebay(إباي) 27.000 مليار من مليماتنا وشركة Ali Baba (علي بابا) 60.000 مليار من مليماتنا...هناك ثورة تجارية عالمية ستغير كل معطيات الاقتصاد العالمي وستغيّر نوعية مسالك التوزيع وتقلّص من دور الوسطاء وتساهم في النمو الاقتصادي بطريقة مذهلة...
عائق شبكات الانترنات
ولعلّ الجدير بالذّكر أيضا أنّ أكبر عائق يحول دون تنمية التجارة الاكترونية في البلدان التي لا تنتمي للمنظومة الصّناعية هو عدم وجود شبكات انترنات متطوّرة تسمح بالتعاطي مع هذه التجارة،  فالمطلوب بالتالي  هو تنمية هذه الشبكات في كل بلدان العالم وخاصّة في افريقيا وبعض بلدان أمريكا الوسطى والجنوبية والبلدان الآسيوية، وللعلم فانّ الاستثمارات التي سمحت بتركيز 36 شبكة في البلدان الغربية فاقت 240.000 مليار في حين وقع استثمار 100.000 مليار فقط لتنميتها في البلدان الأخرى.
2000 شركة تونسية في مجال التجارة الالكترونية
أما في تونس فانّ تنمية هذه التجارة الالكترونية تتعرض إلى عدة عوائق علما انّه الى يومنا هذا وقع تأسيس ما يناهز 2000 شركة تجارية من هذا النوع بنتائج متفاوتة في حين كان عددها 1733 نهاية سنة 2016...
معضلة التدريس
إنّ هذه الحواجز متنوّعة وهي التي تمنع حدوث قفزة نوعية للتجارة الالكترونية في تونس...  ويبقى تدريس هذا النوع من التجارة غير كاف في الجامعات حتى يقع اعداد جيل جديد من المختصّين في الاقتصاد يتحكّم في تقنيات هذه التجارة الجديدة... ثم انّ عقليّة بعض رجال الأعمال تمنعهم من الاهتمام بالتجارة الالكترونية لأنّهم تعوّدوا على المعاملات عبر الصّكوك و«الكاش»... فهذه العقلية التقليدية الحذرة تساهم أيّما اسهام في تكبيل الاقتصاد وعدم انخراطه في الاقتصاد العالمي...
العائق البنكي
إضافة إلى هذه العوامل نجد العائق البنكي حيث تمنع التراتيب البنكيّة اتمام عمليات تجارية تخوّل لرجل الأعمال التونسي التعامل مع «الخارج»... فهي فقط تخوّل له استعمال قسط زهيد من مداخيله في التصدير دون استشارة البنك المركزي، إذ الى يومنا هذا وبسبب التداين المفرط لتونس الذي ناهز 70.000 مليار من مليماتنا لم يقع تحرير الدينار التونسي...
استعمال البطاقات البنكية
ومن العوائق البارزة أيضا ضعف نسبة المستعملين للبطاقات البنكية في تونس التي تكبّل تنمية الاقتصاد الالكتروني الوطني... فالتونسي  مازال متشبّثا بعقلية «الكاش» وفي أحسن الظروف يستعمل الصّكوك لأنّه يخشى من اخلالات منظومة البطاقات البنكية و«سرقة» ماله عن طريق الخطأ... والمطلوب على هذا المستوى ترشيد مستعملي هذه البطاقات واقناع من لا يكتسبها باستعمالها وتأسيس منظومة تبعث الثّقة لدى المستهلك وتحمي أمواله من أيّ نوع من السرقات...
إذا أرادت تونس أن تندمج فعلا في الاقتصاد الرقمي العالمي الذي سيعوض تدريجيا الاقتصاد التقليدي عليها ان تعدّ منظومة تحفّز المؤسّسات الاقتصادية التونسية بفضل تشريعات جديدة وحملة اعلامية تقنع من خلالها رجال الأعمال بنجاعتها... لكن لابدّ من الاعتراف بأنّ المديونية التونسيّة اليوم والمشاكل الاقتصادية وانزلاق الدينار والاضرابات المتكرّرة تحول دون انجاز هذا الحلم.
المنصف بن مراد